ذكرى وفاة سيد درويش: فنان الشعب الذي أحدث ثورة في الموسيقى وترك إرثًا خالدًا

ذكرى وفاة سيد درويش: فنان الشعب الذي أحدث ثورة في الموسيقى وترك إرثًا خالدًا

في ذكرى وفاة سيد درويش، نتذكر فنان الشعب الذي غيّر ملامح الموسيقى العربية بشكل جذري، حيث أضاف لمسة فريدة وأسلوبًا جديدًا جعل من أغانيه صوتًا يعبر عن آمال وأحلام الناس، لقد ترك إرثًا موسيقيًا لا يُزول، إذ لا تزال ألحانه تتردد في قلوب محبيه، مما يجعله رمزًا خالدًا في تاريخ الفن العربي، بل إنه أسس لأساليب جديدة في التعبير الفني، وأثرى التراث الموسيقي بأسلوبه الفريد الذي يمزج بين الأصالة والحداثة، فكلما تذكرنا سيد درويش، نتذكر كيف استطاع أن يمس قلوب الجماهير ويجمع بين الأجيال المختلفة من خلال موسيقاه الرائعة.

ذكرى وفاة سيد درويش.. فنان الشعب

تحل اليوم ذكرى وفاة سيد درويش، الذي يُعتبر فنان الشعب والموسيقار العظيم، حيث لا تزال ألحانه تتردد في ذاكرتنا وتعيش في قلوب المصريين والعرب، لم يكن مجرد ملحن عادي، بل كان صوت الناس ولسان حالهم، فقد امتلك قدرة فريدة على تحويل معاناتهم وأحلامهم إلى موسيقى خالدة، ورغم مرور أكثر من 100 عام على رحيله، لا تزال ألحانه حاضرة وكأنها كُتبت اليوم، مما يُظهر أنه كان صاحب ثورة فنية وثقافية غيرت مسار الموسيقى العربية للأبد.

البداية من الإسكندرية

وُلد سيد درويش في 17 مارس 1892 في حي كوم الدكة بمدينة الإسكندرية، نشأ في أسرة بسيطة، وكان منذ صغره مولعًا بالإنشاد الديني والغناء الشعبي، التحق بالمعهد الديني لكنه لم يستطع مقاومة شغفه بالفن، فكان يقضي أوقاته في المقاهي يغني للناس ويستمع إلى كبار المطربين في عصره مثل الشيخ سلامة حجازي، ومن هنا بدأت تتشكل شخصيته الفنية، حيث جمع بين الأصالة الشرقية والانفتاح على التجديد، مما ساهم في بناء مسيرته الفنية.

المايسترو الذي صنعه الحب

رغم انشغاله بالدراسة، ظل سيد درويش أسيرًا للموسيقى، وفي عام 1908، قرر السفر إلى الشام لتطوير موهبته، حيث درس فنون العزف على العود وتعلم أصول التلحين، وعاد إلى مصر في 1912 أكثر نضجًا وإصرارًا على وضع بصمته الخاصة في الفن، منذ تلك اللحظة، بدأت رحلة ستجعل منه “أب الموسيقى المصرية الحديثة”، وفي سن السادسة عشرة، تزوج سيد درويش، مما وفر له قدرًا من الاستقرار، لكن ذلك لم يمنعه من الانغماس في مشواره الفني، فقد عاد من الشام محملاً بأفكار جديدة ورغبة في التجديد، وبدأ العمل مع الفرق المسرحية التي كانت منتشرة في القاهرة، وتعاون مع نجيب الريحاني وعلي الكسار، وكانت تلك المرحلة بداية انفجار موهبته.

المسرح الغنائي ورسالته الفنية

شكل سيد درويش ثنائيًا استثنائيًا مع الكاتب المسرحي بديع خيري، وقدما معًا عشرات الأوبريتات التي لا تزال جزءًا من التراث المصري مثل “العشرة الطيبة” و”شهرزاد”، كان يلتقط نبض الشارع ويترجمه إلى موسيقى، فجعل الأغنية أداة للتعبير عن قضايا الناس، سواء كانت اجتماعية أو سياسية، لم يكن الغناء مجرد طرب عنده، بل كان رسالة وفكر وثقافة، ومن أبرز بصماته التي لا تُنسى تلحينه للنشيد الوطني المصري “بلادي بلادي”، الذي أصبح رمزًا للوطنية، وردده المصريون في الثورة ضد الاحتلال الإنجليزي.

إرث سيد درويش وتأثيره

استطاع سيد درويش أن يكسر القوالب التقليدية للغناء، فأدخل تعدد الأصوات في موسيقاه، وقدم ألحانًا جريئة نقلت الموسيقى المصرية إلى مرحلة جديدة، لم يكن مقلدًا، بل مجددًا، أخذ من التراث لكنه صاغه بروح جديدة، ومن خلال ألحانه، عبر عن العمال والفلاحين والطلبة والجنود، فاستحق عن جدارة لقب “فنان الشعب”، ورحل سيد درويش في 10 سبتمبر 1923 عن عمر لم يتجاوز 31 عامًا، ورغم قصر حياته، إلا أن إرثه الفني ظل خالدًا، حيث كانت وفاته صدمة كبيرة لجمهوره وأصدقائه، وقد ترك ما يكفي من الأعمال ليبقى حاضرًا في وجدان كل الأجيال.

لماذا يلقب بفنان الشعب؟

أُطلق عليه لقب “فنان الشعب” لأنه كان يعبر عن الناس جميعًا، ولم يكن يخصص فنه لطبقة بعينها، غنى للحرية والثورة والفقراء، كما غنى للحب والعمل والأمل، كان يرى أن الفن رسالة، وأن الموسيقى يجب أن تكون قريبة من حياة الناس، وهذا ما جعله خالدًا رغم السنين، وقد أثر في أجيال كاملة من الفنانين، فكان مصدر إلهام لكبار الملحنين مثل محمد عبد الوهاب وزكريا أحمد، حتى أم كلثوم اعترفت أن سيد درويش كان مدرسة موسيقية تعلمت منها الكثير، ولا تزال أغانيه مثل “قوم يا مصري” و”الحلوة دي قامت تعجن في الفجرة” تُردد بين الناس في الأفراح والمناسبات.

Google News تابعوا آخر أخبار بوابة السعودية نيوز عبر Google News