نهاية الرقم 10 الكلاسيكي وصعود الهجَناء.. كرة القدم تعيد تشكيل خريطة الإبداع في الدوري الإيطالي

في الماضي، كان الرقم 10 يمثل حرية الإبداع في كرة القدم، خاصة في الدوري الإيطالي. كان اللاعب الذي يرتدي هذا الرقم يتحرك بحرية بين خطي الوسط والهجوم، ويستطيع أن يحدث الفارق بلمسة واحدة. كان هذا المركز محاطًا بالخيال والموهبة، حيث كان هناك نجوم مثل روبيرتو باجيو وزيدان وريكيلمي، الذين جعلوا منه رمزًا للفن الكروي.

اليوم، اختلفت الأمور كثيرًا، حيث اختفى الرقم 10 الكلاسيكي من معظم التشكيلات الكبيرة. لم تعد كرة القدم الحديثة تسمح بالتمركز الحر كما كان في السابق، بل أصبحت تعتمد على الضغط والتنظيم، مما أعاد تشكيل مفهوم هذا الرقم.

الدوري الإيطالي الممتاز الكالتشو

كينان يلديز: الرقم 10 المُقيد

لو كنا في الثمانينيات، لكان كينان يلديز يلعب خلف المهاجمين كصانع ألعاب. لكنه اليوم، رغم ارتدائه الرقم 10، يُستخدم كجناح أيسر في خطة تيودور مع يوفنتوس. يُطلب منه الحفاظ على التوازن التكتيكي بدلاً من الإبداع المطلق. يشبه البعض يلديز بـلامين يامال في برشلونة، الذي يبدأ من الطرف الأيمن وينزلق إلى العمق. التحولات من الجناحين إلى الوسط أصبحت وسيلة لخلق الفراغات التي كان يشغلها الرقم 10 سابقًا.

ميلان: تعدد الأدوار بدلًا من مَلك المركز

في ميلان، لا يوجد رقم 10 صريح. لياو يرتدي الرقم، لكنه ليس صانع لعب كلاسيكي. بوليسيتش، لاعب هجيني يتحرك بين الأطراف والعمق، بينما لا يزال مودريتش، رغم تقدمه في السن، يمتلك القدرة على الظهور في المنطقة بين الخطوط. خيارات المدرب تتنوع بين 3-5-2 و4-3-3، وفي الحالتين، لا يتوقف اللاعبون عن التحرك. مودريتش يصعد من العمق، بوليسيتش يدخل من الجناح، ولياو يتنقل بين الأطراف والمركز. الأرقام لم تعد تعكس الأدوار، بل توجّهًا تكتيكيًا لحظيًا.

دي بروين ونابولي: صانع اللعب الشامل

في نابولي، يقوم كيفن دي بروين بإعادة تشكيل وسط الملعب. اللاعب البلجيكي ليس رقم 10 بالمفهوم الكلاسيكي، لكنه يجمع بين صفات صانع اللعب المبدع والقدرة البدنية العالية. في خطة كونتي المحتملة 3-4-2-1، يشكل دي بروين مع سكوت ماكتوميناي خطًا هجوميًا ثانيًا خلف لوكاكو. ماكتوميناي، الذي سجل 12 هدفًا الموسم الماضي، ليس مجرد لاعب وسط دفاعي، بل ماكينة اختراق من العمق. الثنائية بين دي بروين وماكتوميناي قد تصنع الفارق.

تشالهانوغلو وتشيفو: إعادة تدوير صانع اللعب

في إنتر، يفكر المدرب كريستيان تشيفو في منح هاكان تشالهانوغلو فرصة التحرك خلف المهاجمين، مما يعيد له جزءًا من حريته القديمة. لطالما كان اللاعب التركي يمتلك قدرات صناعة اللعب، لكنه تحول في ميلان وإنتر لاحقًا إلى محور تكتيكي بمهام دفاعية. الهدف من تحريكه إلى الأمام هو كسر التوقعات النمطية لدى الخصوم وإضافة عنصر المفاجأة، وهو أمر بات نادرًا في كرة القدم المنظمة اليوم.

لويس هنريكي: الرقم 10 المفاجئ؟

من بين الأسماء الصاعدة، يبدو لويس هنريكي خيارًا غير متوقع لدور صانع اللعب الحديث. في المباريات الودية، أظهر قدرة لافتة على المراوغة، التحرك بين الخطوط، والتسديد من العمق، رغم بدايته كجناح أو ظهير. قد لا يكون صانع لعب خالصًا، لكنه يمتلك صفات لاعب “تحت المهاجم” في النظام الهجومي دون الحاجة إلى اللعب بحرية تامة.

ديبالا وروما: الموهبة تحت الضغط

رغم الإصابات، يظل باولو ديبالا أبرز موهبة هجومية في روما. يعتمد المدرب غاسبريني على نظام 2-1 في الهجوم، ويأمل أن يكون ديبالا هو المحرك خلف المهاجمين. لكن الضغوط البدنية قد تفرض الاعتماد على لاعبين مثل بالدانزي وسوليه أو حتى التفاوض على ضم إيتشيفيري من مانشستر سيتي. في هذه الحالة، المستقبل لا يتعلّق بالاسم، بل بالقدرة على لعب دور هجومي متكامل يجمع بين صناعة اللعب، الضغط، وتسجيل الأهداف.

الرقم 10 لم يمت… لكنه تغيّر

لم تعد كرة القدم تسمح باللاعب “الحر”، لكنها لا تزال بحاجة للاعب المختلف. الذين كانوا صناع لعب في الأمس، أصبحوا اليوم مهاجمين هُجناء يتحركون بعقلية المدرب داخل الميدان. الرقم 10 تغيّر، لكنه لم يختفِ.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *