
في محافظة المنيا، وتحديدًا في مركز ديرمواس، يشتعل الغضب الشعبي مجددًا بعد سلسلة من الوقائع التي تكشف عن وجه قاتم للإهمال الطبي في مستشفى ديرمواس الذي يفترض أن يكون ملاذًا آمنًا للمرضى، لكنه تحول إلى بؤرة ألم ومعاناة، وربما موت محقق.
مستشفى ديرمواس التخصصي.
“مقبرة لا مستشفى”.. شهادة مواطن يروي فاجعة إنسانية
بصوت يملؤه الألم، تحدث أحد أبناء مركز ديرمواس عن تجربته القاسية داخل مستشفى ديرمواس، والتي كادت أن تنتهي بوفاة زوجته بعد إصابتها بلدغة ثعبان.
يقول: “ما حدث في مستشفى ديرمواس ليس إهمالًا فقط، بل جريمة متكاملة، لم أجد سوى البرود واللا مبالاة، لا طبيبًا مستعجلًا، ولا ممرضًا مهتمًا، ولا دواء متاحًا”
في شهادته الصادمة، يروي كيف تُركت زوجته تصارع الموت أمام أعين الفريق الطبي، وكيف طلبوا منه إحضار “باركود” للمصل من الصيدلية بينما كانت زوجته تغيب عن الوعي، وقلبها يتوقف، ويدها تتجمد.
ويضيف أنه بعد مرور وقت طويل قرروا تحويلها إلى مستشفى المنيا بعد دخولها غيبوبة، وأخبره الطبيب المعالج بالمنيا الجامعي، إنهم تعاملوا مع الحالة على أنها متوفاة… لكن الله أنقذها.
ورغم نجاتها، لم يسكت المواطن، بل توعد بتقديم بلاغا عاجلا للنائب العام، مطالبًا بمحاكمة المتورطين في ما وصفه بـ”جريمة إهمال لا تغتفر”.
أطفال يموتون بـ”سم الفئران”.. تكرار مقلق لحالات التسمم
في حادثة منفصلة لكنها لا تقل مأساوية، استقبلت مستشفيات المنيا خلال الأيام الماضية 5 أطفال من قرية الناصرية مصابين بتسمم حاد نتيجة تناول مادة سامة يُرجح أنها “سم فئران”.
ورغم نقلهم إلى مستشفى ديرمواس أولًا، سرعان ما تم تحويلهم إلى مركز السموم بمستشفى المنيا الجامعي نظرًا لخطورة حالتهم، وهي مؤشر آخر على ضعف جاهزية مستشفى ديرمواس للتعامل مع الحالات الطارئة.
ولحسن الحظ، أعلنت إدارة مركز السموم لاحقًا أن حالات الأطفال “مستقرة”، إلا أن القلق الشعبي لا يزال يتصاعد، خصوصًا في ظل تكرار وقائع مشابهة في نفس المنطقة خلال وقت قصير.
دلجا… الفاجعة الأكبر: وفاة 6 أشقاء والتشخيص موضع اتهام
ولعل أقسى هذه الكوارث، هي تلك التي وقعت في قرية دلجا، حيث فقدت أسرة واحدة 6 من أطفالها في ظروف غامضة، وسط روايات متضاربة حول السبب: هل هو تسمم أم مرض معدٍ؟
المحامي عصام مكرم الشريف، طالب في منشور صريح بمحاكمة أطباء مستشفى ديرمواس، مؤكدًا أن الإهمال الطبي والتشخيص الخاطئ هو القاتل، لو تعامل الأطباء مع الحالات بشكل صحيح، ربما تم إبطال مفعول السم أو إنقاذ الأطفال.
وأضاف الشريف: “لن نهدأ حتى تتم محاسبة من أهمل وتسبب في هذه الكارثة”
نداء إلى وزارة الصحة: أين الرقابة؟
هذه الوقائع الثلاث، رغم اختلاف تفاصيلها، تشترك في مسار واحد هو الإهمال داخل مستشفى ديرمواس:
عدم وجود بروتوكولات طوارئ فعالة.
تأخر في تقديم العلاج.
نقص في المعدات والأدوية.
ضعف الرقابة الطبية والإدارية.
إن تكرار مثل هذه الحوادث خلال أقل من أسبوعين، ينذر بكارثة صحية مستمرة ما لم يتم تدخل فوري من وزارة الصحة وإعادة هيكلة إدارة المستشفى بالكامل، فضلًا عن محاسبة المسؤولين عن هذه الأرواح التي أُزهقت بسبب الإهمال.
مستشفى ديرمواس لم تعد فقط تحت المجهر الإعلامي، بل باتت في قلب معركة مجتمعية من أجل الكرامة والحق في الحياة.
فهل تتحرك الدولة سريعًا قبل أن تتحول هذه المنشأة الصحية إلى رمز دائم للموت البطيء؟
الناس لا تطالب بالكمال، بل تطالب بحد أدنى من الإنسانية والنجدة.
إن المجتمع المحلي بحاجة إلى صوت قوي يطالب بالتحسينات اللازمة لضمان سلامة المرضى. فالحق في الرعاية الصحية هو حق أساسي يجب أن يُحترم وتُحافظ عليه.
يجب أن نتكاتف جميعًا لنكون صوتًا لمن لا صوت لهم، ونؤكد على أهمية المساءلة في مجال الرعاية الصحية.
التعليقات