
قال الخبير الاقتصادي سمير رؤوف لـ«السعودية نيوز» إن مبدأي “القضاء على الإقطاع” و”القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم”، واللذين كانا من أبرز أهداف ثورة 23 يوليو، مثّلا توجهًا اقتصاديًا واجتماعيًا واضحًا لإعادة توزيع الثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وقد تحققا جزئيًا على أرض الواقع، وإن كانت لهما آثار إيجابية وسلبية امتدت لسنوات لاحقة.
وأوضح رؤوف أن الدولة نجحت في الحد من سيطرة فئة قليلة على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، من خلال قوانين الإصلاح الزراعي التي أدت إلى توزيع الأراضي على الفلاحين. لكن التطبيق العملي كشف عن تحديات؛ إذ لم تكن هناك استعدادات كافية للفلاحين الذين تسلموا الأرض، لا من حيث الخبرة الفنية ولا المعدات الزراعية الملائمة، وهو ما أضعف الإنتاجية وأدى لاحقًا إلى أزمة غذائية دفعت الدولة للتوسع في استصلاح الأراضي الصحراوية.
شوف كمان: أسعار الذهب اليوم في مصر الأربعاء 6 أغسطس 2025 انخفاض عالمي وترقب محلي
وأشار إلى أن الثورة أحدثت تغييرًا جذريًا في البنية الطبقية للمجتمع المصري، حيث أفرزت طبقة وسطى جديدة كانت محرومة سابقًا من دخول قطاعات اقتصادية معينة مثل التجارة والصناعة والبورصة، وهي قطاعات كانت حكرًا على الطبقة العليا المقربة من القصر. ونتيجة لذلك، تحوّل الاقتصاد من كونه اقتصادًا زراعيًا بحتًا إلى اقتصاد صناعي ناشئ، وشهدت تلك المرحلة بروز كيانات إنتاجية وصناعية جديدة، مثل مصنع النصر للسيارات، الذي كان ينتج سيارات مصرية بالكامل قبل أن يتراجع لاحقًا إلى مرحلة التجميع فقط.
وأكد رؤوف أن السياسات الاشتراكية التي اتبعتها الدولة، بما في ذلك تأميم قناة السويس والبنوك والعديد من الشركات الكبرى، ساهمت في كسر احتكار رأس المال لاقتصاد البلاد، وأعادت توزيع الثروة على نطاق أوسع. لكنه لفت إلى أن سيطرة الدولة الكاملة على مفاصل الاقتصاد، وتحولها إلى ما يشبه “الأب والأم” في كل شيء، أدى إلى ترهل بعض القطاعات الحكومية وغياب الكفاءة في إدارة المشروعات العامة.
وفي ختام حديثه، شدد على أن ثورة يوليو خلقت توازنًا جديدًا في المجتمع، وأعادت تشكيل العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، رغم ما صاحب تلك التغييرات من اختلالات في بعض القطاعات، نتيجة التحولات الحادة في بنية الاقتصاد الوطني.
من المهم أن نلاحظ أن تلك التحولات لم تكن خالية من التحديات، حيث واجهت الدولة انتقادات حول كيفية إدارة هذه التغييرات وتأثيرها على الفئات الأقل حظًا. كما أن تطور الأحداث الاقتصادية والسياسية بعد الثورة كان له تأثير كبير على مستقبل البلاد وأدى إلى نقاشات مستمرة حول أفضل السبل لتحقيق التنمية المستدامة.
من نفس التصنيف: علاء الزهيري يعلن ملامح خطة اتحاد التأمين حتى 2029: 6 فرص استراتيجية للنمو وتوسيع السوق
إن فهم الدروس المستفادة من تلك الفترة التاريخية يمكن أن يوفر رؤى قيمة لصانعي السياسات الحاليين، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المعاصرة. إن إعادة النظر في التجارب السابقة قد يسهم في تحسين الأداء الاقتصادي والاجتماعي في المستقبل.
- تنسيق ومصروفات كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال في الجامعات الأهلية 2025
- استقرار الأمن والاقتصاد ركيزة لجذب الاستثمارات للسوق المصري
- من الإقطاع إلى الانفتاح.. أهداف ثورة يوليو الاقتصادية في ميزان الزمن.. خبير اقتصادي يوضح
- خبير اقتصادي لـ «السعودية نيوز»: ثورة يوليو.. تحولات جذرية من الإقطاع إلى التأميم
- من 23 يوليو 1952 إلى 2025.. كيف تغير الاقتصاد المصري؟
التعليقات