خبير اقتصادي لـ «السعودية نيوز»: ثورة يوليو.. تحولات جذرية من الإقطاع إلى التأميم

تقرير: سمر أبو الدهب

إن مرور 73 عامًا على ثورة 23 يوليو يفرض علينا وقفة تحليلية متعمقة لتأثيراتها الاقتصادية، خاصة ونحن نستشرف المستقبل. جاءت الثورة في مناخ اقتصادي مُثقل بالإرث الاستعماري، حيث كانت مصر تعاني من تبعية اقتصادية واضحة، هيمنة رأس المال الأجنبي، وتوزيع غير عادل للثروة، بالإضافة إلى سيطرة الإقطاع على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية.

الإصلاحات الأولى وطموح التحرر الاقتصادي

وفي هذا السياق، قال الدكتور خالد الشافعي رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية في تصريح خاص لـ «السعودية نيوز»، تُشكل حزمة الإصلاحات الأولية وعلى رأسها قانون الإصلاح الزراعي نقطة تحول جوهرية. كان الهدف المُعلن هو كسر شوكة الإقطاع وتحقيق عدالة اجتماعية، مما ساهم في إعادة توزيع نسبي للأراضي وتحسين أوضاع صغار الفلاحين. كما اتجهت الدولة نحو تبني سياسات التصنيع بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الخارج، وهو ما تجلى في إنشاء العديد من المصانع الوطنية.

التأميم والقطاع العام بين التنمية والركود

تابع “الشافعي”، أن سياسة التأميم الواسعة للمؤسسات الأجنبية والوطنية في الستينيات شكلت حجر الزاوية في التوجه الاقتصادي للثورة. كان الهدف هو بناء قاعدة اقتصادية وطنية قوية تحت مظلة القطاع العام، بما يضمن سيطرة الدولة على مقدرات البلاد. ورغم أن هذه السياسة حققت بعض النجاحات في تحقيق التنمية الصناعية وتوفير فرص العمل، إلا أنها واجهت تحديات كبيرة تمثلت في البيروقراطية، تراجع الكفاءة، وعدم القدرة على مواكبة التطورات الاقتصادية العالمية، مما أدى في مراحل لاحقة إلى ظهور اختناقات اقتصادية وتراجع في معدلات النمو.

رؤية لمستقبل الاقتصاد المصري

وأشار “الخبير الاقتصادي” أنه من منظور اقتصادي بحت يمكن القول إن ثورة يوليو أطلقت طاقات كبيرة للتحرر الاقتصادي، لكنها في الوقت ذاته اتخذت مسارات أدت إلى تحديات هيكلية لا يزال الاقتصاد المصري يعالج آثارها. وشدد على ضرورة الموازنة بين دور الدولة في التنمية وتعزيز دور القطاع الخاص، مع التركيز على الكفاءة، الابتكار، والقدرة التنافسية لضمان نمو اقتصادي مستدام وشامل يعود بالنفع على كافة شرائح المجتمع.

كما أكد على أهمية الاستثمار في التعليم والتدريب الفني، حيث أن ذلك يعد من العوامل الأساسية لتعزيز القدرة الإنتاجية. يجب أن تكون هناك رؤية استراتيجية تستهدف تطوير المهارات البشرية بما يتماشى مع احتياجات السوق المحلي والعالمي.

أخيرًا، يجب أن نتذكر أن الإصلاحات الاقتصادية تحتاج إلى وقت لتحقيق النتائج المرجوة، لذا فإن التزام جميع الأطراف المعنية هو أمر ضروري لتحقيق التنمية المستدامة.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *